السؤال : أنا متزوج من ابنة عمي من أكثر من 5 سنوات ، وكنت أنا حينها في بداية التزامي ، أي التزمت بعد العقد وقبل الزواج ، وكان عمري وقتها 20 وهي 17 ، وكنت أجد في نفسي في كثير من الأحيان ضيقاً وكرهاً شديداً لها ، وكنت أعاملها معاملة سيئة من البداية ، وكنت داخل نفسي أجد الضيق الشديد ، وهي كانت شديدة في تعاملها معي وتقاومني ، فكنا كثيراً لا نتفق ولم نكن نشعر بالسعادة ، وكان بيننا شجار شديد أحياناً ، فأنا أصبت بمرض نفسي واكتئاب ، ووسواس ، وهي كذلك . أنا لم أكن أعلم عن شيء اسمه كناية الطلاق أبداً ، وكنت فقط أعرف أن الطلاق يقع باللفظ الصريح ، إلى قبل أسبوع تقريباً سمعت في برنامج للفتاوى أن هناك طلاقاً يقع بالكناية إذا كان بنية ، فتذكرت أني كنت في الفترة السابقة كنت بعض المرات إذا اشتد علي الضيق بعض المرات أقول لها أنا ما أبغاكي بوديكي عند أهلك يالله الآن ، من هذه العبارات ، وأقولها وأنا في ضيق في نفسي ، وكنت أحذر من عبارة اللفظ الصريح ، وأنا لم أكن أعلم أن بالكناية يقع الطلاق ، فالآن أنا في هم شديد جداً ووسوسة شديدة ، أقول في نفسي أنا بالفعل كنت متضايقاً منها ولا أريدها ، وفترة أقول في نفسي طيب لماذا لم أنطق اللفظ الصريح ، لأني لا أريده حقيقة ، وفترة أقول إنه أنا كنت بالفعل ناوي على الفراق لكن لأني لا أعرف غير اللفظ الصريح فإنه ما وقعت النية . ولكن أنا الآن في نفسي وسوسة شديدة أن يكون قد وقع ، ولا أعلم ما أفعل ، علما أنه أنا لا أريد أن أتركها لأني أخشى إذا تركتها أن تأتيني وساوس أني كنت أعاشرها بالحرام . وللعلم ففي الفترة الأخيرة أشعر أنه بدأت حالتنا تتحسن وتستقر ، ونحن بيننا ولد ، فهل يقع ؟ ، حتى اذا كنت بالفعل أنويه ولكن لم أكن أعلم غير اللفظ الصريح وكنت أتحرز أن أنطقه ، فما الحكم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
نوصيك بالإحسان إلى أهلك ، ومعاملتهم معاملة كريمة كما أمر الله تعالى ، وستجد أثر ذلك إن شاء الله تعالى ، فإن النفوس مجبولة على الإحسان إلى من أحسن إليها ، وقليل من الكلام الطيب يشيع جو المودة في البيت ، ويقطع الطريق على الشيطان المتربص ، كما قال تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) الإسراء/53 ، وقال سبحانه : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19 .
وليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة ، فقد كان خير الناس لأهله ، كما قال : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ونحمد الله أن أموركم بدأت تتحسن وتستقر كما ذكرت ، ونسأله سبحانه أن يفيض عليكم من رحمته ، وأن يؤلف بين قلوبكم ، ويجمع بينكم على خير .
ثانيا :
الطلاق منه الصريح ومنه الكناية ، فالصريح ما لا يفهم منه إلا الطلاق ، كقول : أنت طالق ، والكناية ما يحتمل أن يكون المراد منه الطلاق أو غيره ، كقول الرجل لامرأته : أنت خليّة أو برية أو أمرك بيدك أو حبلك على غاربك ، أو الحقي بأهلك ، أو لا حاجة لي فيك ، ونحو ذلك .
ولا يقع الطلاق بالكناية إلا مع وجود نية الطلاق .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/306) : " فأما غير الصريح ; فلا يقع الطلاق به إلا بنية , أو دلالة حال " انتهى .
وقال في "زاد المستقنع" : " ولا يقع بكنايةٍ طلاقٌ إلا بنية مقارنة للفظ ، إلا حال خصومة ، أو غضب ، أو جواب سؤالها " انتهى باختصار .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : " هذه ثلاث أحوال يقع بها الطلاق بالكناية بلا نية . فقوله : " خصومة " يعني مع زوجته ، فقال : اذهبي لأهلك ، يقع الطلاق وإن لم ينوه ، لأن لدينا قرينة تدل على أنه أراد فراقها .
وقوله : " أو غضب " : أي حال غضب ولو بدون خصومة ، كأن يأمرها أن تفعل شيئا فلم تفعل فغضب ، فقال : اذهبي لأهلك ، يقع الطلاق وإن لم ينوه .
وقوله : " أو جواب سؤالها " : يعني : قالت : طلقني ، قال : اذهبي لأهلك ، يقع الطلاق ...
ولكن الصحيح أن الكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية ، حتى في هذه الأحوال ؛ لأن الإنسان قد يقول : اخرجي أو ما أشبه ذلك ، غضبا ، وليس في نيته الطلاق إطلاقا .." انتهى من "الشرح الممتع" (13/75).
وكونك تتحاشى لفظ الطلاق الصريح ، ولا علم لك بمسألة الكناية ، يدل على أنك لا تريد الطلاق ، وغاية الأمر أنك تهدد وتخوف ، ولهذا فلا يقع عليك طلاق .
وينبغي أن تحذر من الوسوسة في الطلاق وغيره ، فإن الوسوسة داء وشر إذا تمكن من الإنسان آذاه وأزعجه ونغص عليه أمره .
وعلاج الوسوسة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات لها ، مع الإكثار من ذكر الله تعالى وطاعته .