المكان: صحراء سيناء
الزمان: عام 1967 بعد نكسة يونيو
انطلق هتاف الجندي الاسرائيلى المدجج بالسلاح يأمر الاسرى المصريين ليستمروا في الحفر في الصحراء ومن حين لاخر يوجه لهم سباب عنيف وهو يرمقهم بنظرة الاحتقار والازدراء فهو حسب عقيدته المحرفة اسمى وافضل وارقى الاجناس...حتى اقترب منه أحد الضباط الاسرائيليين يحمل رتبة عالية فوقف الجندى في صرامة وضرب الارض بقدميه بقوة ليؤدي التحية العسكرية له...نظر له الضابط في عدم اهتمام وقال له:
-هل يقومون بالحفر منذ وقت طويل
-نعم ياسيدى وعلى اتم وجه
-مرهم ان يكفوا عن الحفر...يكفي هذا العمق...واذهب لتنفيذ ما اتفقنا عليه
-أمرك يا سيدى
اتجه الجندي الى الاسرى وأمرهم ان يكفوا عن الحفر ثم امر جنود وحدته الخاصة التي تسمى(شاكيد) او (حراس خط الجنوب) باللغة العبرية بتقييد الاسرى ووضعهم في الحفر التي انتهوا من حفرها منذ قليل
وبأشارة من يد الضابط (بنيامين بن اليعازر) او (البلدوزر الصغير) كما هو ملقب في اوساط الجيش الاسرائيلى قام جنود وحدة (شاكيد) الاسرائيلية بحصد ارواح الاسرى باستخدام مدافعهم الرشاشة حتى تخضبت الرمال بدماء (250) جندى وضابط مصري وصعدت أرواحهم الطاهرة الى بارئها بعدما تم قتلهم غدرا .
الزمان: عام 2007 شهر مارس
التليفزيون الاسرائيلى يقوم ببث فيلم تسجيلى عن وحدة (شاكيد) الخاصة تمجيدا لأعمالهم وبطولاتهم في حراسة الحدود الاسرائيلية وقت الحرب مع المصرين حيث يظهر الشريط قيام الوحدة بقتل (250) اسير ثم يستضيف بعض الجنود والضباط الذين تقاعدوا ليسجلوا ذكرياتهم اثناء خدمتهم في وحدة (شاكيد) ولا ينسى اي منهم ان يمجد ويثنى على الضابط (بنيامين بن اليعازر) الذى حصل على منصب وزير للبنية التحتية في الحكومة الاسرائيلية الحالية بعد سنين من خدمة اسرائيل قضاهم في قتل المصرين وارتكاب المذابح ضد الفلسطينين في جميع انتفاضاتهم...حيث تغيرت الاحوال خلال تلك السنين واصبحت مصر حليفا قويا لاسرائيل واصبح الاحتفاء بمجيء مسئول اسرائيلي يفوق الاحتفاء باي مسئول عربى...حتى ان (بنيامين بن اليعازر) كان يعد لزيارة خاصة لمصر في الايام القليلة القادمة لاستكمال اعمال مشتركة بين مصر واسرائيل.
اليوم الاول عقب اذاعة الشريط :
حالة غضب عارمة تجتاح مصر والعالم العربي من ازاء تلك المجزرة الوحشية..وقيام الطلاب في الجامعات والمصليين في المساجد وحركات المعارضة بتنظيم مظاهرات تطالب الحكومة المصرية برد سريع على تلك الفضيحة ومحاولة استرداد حق القتلى المصريين وقوات الامن تفض المظاهرات وتعتقل الكثير من المتظاهرين.
اليوم الثاني:
الصحف المستقلة والمعارضة تطالب بفتح التحقيق في تلك المذبحة ونواب مجلس الشعب يقدمون طلبات الاحاطة لمناقشة الموضوع وأخذ موقف صارم من اسرائيل ورئيس مجلس الشعب يطالب بمناقشة جلسات اليوم لان جدول الاعمال لا يسمح بمناقشة تلك الامور الفرعية والنواب يعترضون على ذلك فيتجه بصوته المميز الى نواب (الحزب الحاكم) :
- الموافق على قفل باب المناقشة يتفضل برفع يده موافقة...منافقة (منافقة زي ما انت قريتها)
اليوم الثالث:
حالة الاحتقان والتوتر تزداد في البيوت المصرية بسبب الموقف المتخاذل من الرئيس والحكومة المصرية... حيث ان الرئيس قد ابدى اهتمامه بعودة الجندي الاسرائيلى (جليعاد شاليط) المأسور من قبل المقاومة الفلسطينية في حين لم يبد اهتمام بقتل (250) اسير مصري وهم احياء
اليوم الرابع:
الصحف القومية تؤكد ان (بن اليعازر) قام بتأجيل زيارته لمصر خوفا من ان يتم اعتقاله
والتلفزيون المصري يعلن في شريطه الأخباري- بعد (5) ايام - عن شريط تم اذاعته في التلفزيون الاسرائيلى يظهر فيه عملية قتل اسرى مصريين وبرنامج (البيت مش بيتك) ومذيعه (تامر امين...شرطة) يقول ان:
- الشريط لم يؤكد تورط (بن اليعازر) كما انه - اي بن اليعازر - اكد في تصريحات خاصة بجريدة الاهرام ان الاسرى لم يكونوا مصريين ولكن فلسطينيين...وقال إنه يقرأ الاهرام ويقدرها ويتمني ان تبحث عن الحقيقة وتتعامل معها وليس مع معلومات مغلوطة لانه يحتفظ بعلاقات جيدة مع مصر وأسهم في بناء وتدعيم العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية خاصة علي مدي العقد الماضي.
أحد المذيعين في احدى القنوات الفضائية المحترمة علق على تصريحات (بن العازر) :
- "ياعم خليه ييجى..واحنا نفرشله الارض ورد..اعتقال ايه اللي يخاف منه...هو من الاخوان المسلمين ولا من حركة كفاية لا سمح الله...ما دام مش تبع الناس دي يبقى انت في نظر الامن صاغ سليم...تعالى يا عم زورنا بس ما تنساش تغسل ايدك كويس...وبعدين دول على كلامك طلعوا فلسطينيين يعني يا دار ما دخلك شر...ولا حتى مصريين ايه الفرق...عمرهم كدة ..ايه احنا هنكفر)
اليوم الخامس:
الرئيس يعلن-بعد (6) ايام في خطاب تاريخى انه يستنكر ما حدث ويصفه بالتصرف الوحشي غير المسؤول
والشعب المصري يصف تصريحات الرئيس بالميوعة وانها اصبحت مستهلكة...واسطوانة مشروخة
الرئيس يستفز - ده شيء نادر حدوثه زي العنقاء والخل الوفي- ويخرج لثاني مرة على المشاهدين في خطاب تاريخى-برضه زي الاولاني- في نفس اليوم وهو يقسم بأغلظ الايمان انه لن يتنازل عن حق المصريين الذين تم اغتيالهم.
اليوم السادس :
الصحف القومية الحكومية تهلل لقرار الرئيس الرئيس الشجاع وتصفه انه ضربة جوية جديدة من ضرباته المشهور بيها.... بس ضربة ايه (دبل كيك double kake)
وامريكا تضغط على الرئيس للتراجع عن موقفه
اليوم السابع:
الرئيس يتناول طعام السحور لانه قرر صيام (3) ايام كفارة عن الايمان اللى حلف بيها
اليوم الثامن:
حالة الرئيس تسوء بسبب الصيام وذلك لكبر سنه والامراض المزمنة التي يعانى منها
وسيادة المفتى يصدر فتوة للرئيس باطعام (10) مساكين بدلا من الصيام
اليوم التاسع:
الرئيس يطعم ال(10)مساكين كفارة اليمين...ويأمر وزير المالية بفرض ضرائب جديدة على الشعب لجمع ما تم دفعه في اطعام المساكين... كما يأمر وزير التعليم العالي بتغيير مواعيد الامتحانات وتقديمها قبل موعدها ب(3)اسابيع
اليوم العاشر:
الشعب المصري يستنكر من فرض ضرائب جديدة بلا مبرر والطلاب يعترضون من تقديم الامتحانات لانهم لم يجدوا الوقت الكافي للاستعداد للامتحانات
وينشغل المصريين في تحصيل الاموال لكي يتمكنوا من دفع الضرائب ... والطلاب في المذاكرة من اجل اجتياز الامتحانات.... وينسى المصريين امر الشهداء الذين قتلوا غدرا
اليوم (....) مش فاكر :
المصريين ما زالوا مشغولين في جمع الاموال لاستكمال معيشتهم ودفع المزيد من الضرائب
والطلاب ما زالوا مشغولين بالمذاكرة من اجل الامتحانات
والصحف القومية الحكومية ما زالت تصف قرارات الرئيس بالحكمة والعقلانية واننا من غيره ولا نسوى
والصحف المستقلة والمعارضة ما زالت تعارض
والأهلي مازال يحتفظ ببطولة الدوري العام
والأمن ما زال يعتقل المصريين الشرفاء بلا ذنب
حتى النيل ما زال يجرى..... وما تقولش اديتنا ايه مصر وقول هندي ايه لمصر