بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انه قمة شامخه من قمم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وارضاهم اجمعين
انه بلال ابن رباح رضي الله عنه وارضاه واول سابق الحبشه
لا يذكر الآذان إلى يومنا هذا إلا وتذكرنا معه بلال
كان سنه يوم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم 30سنة، فهو أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين
كان عبداً لبني عبد الدار أوصى بهم أبوهم إلى أمية بن خلف أحد رؤوس الكفر.
كان رضي الله عنه وارضاه من السابقين إلى الإسلام.
لقي من الإيذاء ما لم يلقه أحد من المسلمين على الإطلاق، وذلك لأنه فقير مملوك، ليس له أحد يحميه أو عائلة تدافع عنه مثل أبو بكر وعلى.
كانوا إذا اشتد الحر وتوسطت الشمس السماء والتهبت رمال مكة جردوه من ثيابه وألبسوه دروع الحديد ثم يلقونه في أشعة الشمس الملتهبة ويلهبون ظهره بالسياط ويقولون أكفر برب محمد فيقول: أحد أحد، وكان الذي يتولى تعذيبه أمية بن خلف، فيضعون على صدره الصخور فيقول: أحد أحد، فكانوا يقولون له سب محمداً نتركك، فيقول: إن لساني لا يطيق ذلك، فيزيدون عليه العذاب فيهتف: أحد أحد.
أن المتأمل ليسأل نفسه ماذا لو كنت مكانه، فهل استشعرنا نعمة الله علينا وأن ولدنا مسلمين بغير إيذاء ، الله لك الحمد على نعمة الإسلام.
فلما رأي أبو بكر الصديق حاله عرض على أميه بن خلف أن يشتريه، فاشتراه منه بتسع أوان من ذهب، فلما تمت الصفقة قال له أمية: لو أبيت أخذه إلا بأوقية لبعته (أي إنه لا يستحق كل هذا الثمن)، فقال له أبو بكر: لو أبيت بيعه إلا بمائة لاشتريته، ثم أعتقه أبو بكر بعد ذلك.
وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر بلال إلى المدينة وبنى المسجد وشرع الآذان واختاره النبي صلى الله عليه وسلم للآذان لأنه ندي الصوت، فظل مؤذن الرسول 10سنين كاملة.
ولما جاءت غزوة بدر أراد الله تبارك وتعالى أن ينتقم له ممن ظلمه وعذبه بقسوة ، أمية بن خلف الكافر العنيد، رآه بلال يوم بدر فصرخ بعزم المؤمن أمية بن خلف لا نجوت إن نجا حتى قتله، وهذا درس أن المظلوم لا يضيع حقه ولو بعد سنين.
ثم دارت الأيام وفتحت مكة ودخل مع النبي 10000مقاتل، وتم النصر، حانت صلاة الظهر فصعد بلال على ظهر الكعبة يؤذن، أنظر كيف أعزه الله وأكرمه بصبره وثباته وتقواه. "إنه من يتق ويصبر فئن الله لا يضيع أجر المحسنين".
ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكرم هذا العبد الأسود رضي الله عنه وارضاه أكثر وأكثر، فلما فتحت الكعبة ليدخلها النبي لم يصحب معه إلى داخل الكعبة كبار الصحابة أبي بكر وعمر، وإنما اصطحب معه بلال. أنظر إلى هذه اللمحة النبوية التي كلها وفاء وتكريم، وتعليم للناس كيف يعاملوا من هم أضعف وأفقر وأرق حالاً منهم.
حتى تعلم عمر من النبي وفهم فعل النبي فكان عمر يقول: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، يقصد بلال
قال له النبي صلى الله عليه وسلم يوماً : يا بلال دلني على عملك فإني سمعت خشخشة نعليك في الجنة، فقال يا رسول الله ما أحدثت ونقضت وضوئي إلا توضأت وما توضأت إلا صليت ركعتين، فالوضوء سلاح المؤمن لا يتركه أبداً.
يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤذن، فلما وصل إلى قوله أشهد أن محمداً رسول الله خنقته العبرة واحتبس صوته فارتجت المدينة في البكاء فظل ثلاثة أيام يحاول أن يؤذن كلما وصل اشهد ان محمدا رسول الله بكى، فذهب إلى أبو بكر وطلب منه أن يعفيه من الآذان، فقال له أبو بكر: بل أريد بقاؤك، فقال له بلال: إن كنت اعتقتني لنفسك فاحبسني وإن كنت اعتقتني لله فذرني لمن اعتقتني له، فقال أبو بكر: والله ما اشتريتك إلا لله ولا اعتقتك إلا لله ، إذهب حيث شئت، فقال بلال: وأني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخرج للجهاد في فتح القدس حتى فُتحت وهو هناك وجاء عمر ليستلم مفاتيح القدس واجتمعت الجيوش الإسلامية المنتصرة كلها في القدس على هضبة الجولان فآذن يومها فقط، فبكى عمر وبكى بلال وبكت الجيوش.
قبل أن يموت بأشهر قليلة رأي النبي في المنام يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما أن لك أن تزورنا فسار مسرعاً إلى المدينة، فأتى قبر النبي وجعل يبكي عنده فأقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما وضمهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في المسجد، فلما قال الله أكبر ارتجت المدينة كأنها تذكرت شيئاً، فلما قال اشهد أن لا إله إلا الله زادت رجفتها فلما قال أشهد أن محمد رسول الله فما رؤي يوم بعد موت النبي -بأبي وامي- صلى الله عليه وسلم أهل المدينة أشد بكاء من ذلك اليوم.
توفي بلال رضي الله عنه وارضاه بدمشق وسنه 60سنة سنة 17هـ.
قالت امرأته وهو يموت وامصيبتاه وامصيبتاه.
فقال لها: بل قولي وا فرحتاه غداً ألقي الأحبة محمداً وصحبه
اللهم الحقنا بهم ولا تحرمنا فضلك ياربنا يا ارحم الراحمين