كنت دائماً أحمد الله علي نعمة الصداقة، ولكنني بعد أن قرأت حكاية جانين ونادين، بدأت أتساءل: هل ما عرفته في حياتي صداقة أم أن ما بين جانين ونادين أكثر من الصداقة بكثير. ما تعريف الصداقة؟
أن تخاف الواحدة علي الأخري، أن تتمني لها الخير؟ أن تشاركها لحظات الفرح والحزن؟ كل هذا؟ تبقي هذه الأمور عادية مقابل ما فعلته نادين لجانين وسأحكي لكم مايصلح لقاليد عالمنا العربي كما قراتها في مجلة بريطانية عن الصداقة ضمن مجموعة تحقيقات.
كانت نادين وجانين صديقتين منذ سن الرابعة، أي منذ الطفولة المبكرة وأصبحتا في التاسعة والثلاثين، لا أعرف تفاصيل كثيرة عن علاقات نادين.. متزوجة.. مطلقة.. أرملة، المهم أنها عندما حدث ما حدث لجانين كانت وحيدة.. أما جانين فلقد مات زوجها وترك لها طفلاً كانت ترعاه وتحبه..
ثم توفيت والدتها من السرطان بعد أن عانت كثيراً.. واعتقدت جانين أنها بهذا قد أخذت قسطها الكبير من الحزن، إلي أن اكتشفت إصابتها هي الأخري بالمرض اللعين، وخافت علي ابنها.. إن ماتت لمن تتركه؟
واتصلت بصديقة عمرها نادين، التي ما إن علمت بالموضوع حتي تركت حالها ومحتالها كما يقال واستقرت في منزل صديقتها لترعاها وترعي ابنها.. سنتان.. جانين تدخل فيها المستشفي وتخرج، تعاني من الآثار النفسية لجلسات العلاج الكيميائي وبالقرب منها نادين ترعاها وترعي ابنها تأخذه لمشاويره تشرف في الفجر علي دروسه وعندما يوقظ الألم الشديد تجد نادين بجوارها مبتسمة غير متذمرة بل قادرة علي إسعادها..
وبعد عامين شفيت جانين، التي تقول إن الفضل يعود إلي نادين في هذا.. ونادين تقول بتواضع شديد إنها أدت فقط واجب الصداقة.. هل مر أحدكم بتجربة مماثلة؟ هل صادف أحدكم في حياته صديقاً يشارك أكثر من مجرد الكلام وفنجان الشاي.. مشاعرنا مع أصدقائنا قد تكون عميقة جداً وحقيقية،
ولكن قلما تتاح لنا في الحياة فرصة اختبار هذه المشاعر في رأي الصداقة الحقيقة كالزواج.. ميثاق بين اثنين يتطلب الكثير من التضحيات من الجانبين.. يتطلب قبول الآخر دون محاولة تغييره هو مرحلة وسط ما بين الزمالة والأخوة، وهذا النوع من الصداقات قد تمر حياتنا دون أن نعثر عليه.. علاقاتنا اليومية معظمها قشور تجف وتنفرط ما إن نضغط عليها قليلاً والأرواح تتألف أو تتنافر وإن كنت من سعيدي الحظ الذين أنعم الله عليهم بنعمة الصداقة الحقيقية، فليشكروا الله دوما عليها.
بقي أن نقول إن نادين عندما سئلت عما فعلته لجانين، أجابت: لو عاد الزمن للوراء لكررت ما فعلت فصديقتي تستحق.. ألم أقل لكم إنها علاقة نادرة الحدوث.. إن كنت مخطئة فاحكوا لي.. كم أود سماع قصص مشابهة.
Rola_kharsa@hotmail.com